خواطر 06 الحلقة 22 - جزيرة الزبالة

«الجزر المدوّرة».. مشروع هولندي لتحويل نفايات البحار إلى جزر عائمة
118  ألف قطعة بلاستيكية في كل كيلومتر مكعب من مياه البحار
كولون (ألمانيا): ماجد الخطيب

يرى صندوق البيئة الدولي أن حجم النفايات البحرية، وخصوصا البلاستيكية منها، التي يلقيها البشر في الماء على الشواطئ ومن فوق متون السفن، يزيد عما يتسرب من نفايات إلى الأرض من قبل الساكنين عليها. بل إن آخر فحوص العلماء أثبتت وجود كمية من البلاستيك في دماء الإنسان نفسه، تهدّد بالتسلل إلى الحمض النووي للبشر، وبالتالي تهدّد بتحول كوكب الأرض بأكمله إلى «كوكب بلاستيكي».
في محاولة لإنقاذ البحار من النفايات البلاستيكية التي تخنقها يقترح العلماء الهولنديون جمع النفايات البحرية وتدويرها إلى مواد بناء، ومن ثم استخدامها في بناء جزر «مدوّرة» لا تضر بالبيئة. ويعتقد هؤلاء العلماء أن كلفة بناء هذه الجزر ستكون منخفضة بالنظر إلى وجود «مواد البناء» في متناول اليد، ولأن مواد البناء هذه لا يملكها أحد، بل تعتبر ملكا للبشرية جمعاء.
ويقول رامون كنوستر، رئيس شركة «ويم» (WHIM) الهولندية، إن فكرة المشروع رأت النور قبل بضع سنوات كفكرة مستقبلية جميلة لحماية البيئة، لكنها تحولت الآن إلى مشروع قابل للتنفيذ. وقدر كنوستر أن تكون إحدى هذه الجزر جاهزة، كنموذج أولي، بين عام 2011 - 2012 في المحيط الهادي. وتخطط الشركة الآن لبناء أول «جزيرة مدوّرة» من مساحة جزر هاواي (10 آلاف كم مربع) وتتسع لنصف مليون إنسان.
من ناحية أخرى يخطط لهذه الجزر أن تكون «خضراء»، بمعنى أن تكون بيئية 100%، لا تستخدم الطاقة التقليدية ولا تطلق غاز ثاني أكسيد الكربون. إذ سيوفر البحر وتياراته العميقة وكذلك الشمس والرياح في المنطقة مصادر طاقة بديلة تماما. ويمكن تصوّر استخدام الفضلات البيولوجية ومياه التصريف لتسميد سطح الجزر وجعلها مناطق خضراء. وفي الاعتبار أن تكون بمثابة جزر عائمة تستطيع أن تصمد أمام الريح والتيارات بفضل وزنها وقدرتها على الطفو. وهي، برأي كنوستر، أفضل طريقة لتخليص المحيطات من النفايات الضارة، وخصوصا البلاستيكية، مع الاستفادة منها في السكن.
وحاليا، يقدر برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة وجود 118 ألف قطعة بلاستيكية في كل كيلومتر مكعب من مياه البحار والمحيطات في العالم. وحدثت قبل بضعة أشهر زوبعة بين جزر هاواي وأراضي غرب الولايات المتحدة دارت في دوامتها ملايين القطع البلاستيكية.
وتتحدث دراسة أعدها مركز أبحاث بحر الشمال في ألمانيا عن تسرب 20 ألف طن من المواد البلاستيكية المختلفة الأحجام من سطوح السفن إلى البحر. وأثبتت الفحوص الطبية وجود مواد بلاستيكية بمعدل 0.31 غرام في معدة 97% من الطيور البحرية هناك. وقدّرت الدراسة موت 2 من كل 5 من فراخ البطريق بسبب الجوع، وهي حالة ناجمة عن امتلاء معدة كل من هذه الحيوانات بالمواد البلاستيكية لدرجة تعذّر إيجاد مكان فيها لاستقبال الطعام.
وللعلم، يموت حاليا أكثر من مليون طائر بحري في العالم، وأكثر من 100 ألف حيوان لبون بسبب النفايات البلاستيكية. وعدا عن امتلاء بطون الحيوانات بالبلاستيك، توصل العلماء إلى سبب آخر لموت الحيوانات البحرية بعدما عثروا على آلاف السلاحف والبطاريق المختنقة بشباك الصيد والحبال البلاستيكية الطافية. وقدّروا أن النفايات البلاستيكية تهدد حياة 260 نوعا من الحيوانات البحرية.
هذا، والملاحظ علميا أن النفايات البلاستيكية تتجمّع في مناطق معينة من البحار والمحيطات بسبب حركة الملاحة وحركة التيارات البحرية والعوامل البحرية الأخرى. وهناك مناطق معروفة في شمال شرقي حزر هاواي، وفي شمال المحيط الهادي، يمكن أن توفر مادة كافية لبناء عدة «جزر مدورة»، بل إن ما هو موجود في المحيط الهادي من نفايات بلاستيكية يكفي لبناء جزر مدوّرة ترتفع مساحتها إلى ما يساوي مجموع مساحتي فرنسا وإسبانيا مجتمعتين.
الجدير بالذكر أن «عملاق» الصناعة الكيمياوية الألمانية، شركة «بي إيه إس إف» (BASF) نالت جائزة أفضل المواد الصناعية لعام 2007 لقاء تصنيعها مادتي «إيكوفليكس» و«إيكوفيو» اللتين تكمل إحداهما الأخرى. وإذ أمكن استخراج «إيكوفليكس» من المواد البتروكيماوية، فإن مادة «إيكوفيو» بيئية 100% وجرى تصنيعها من عرانيس الذرة. وتتميز «إيكوفليكس» بالصلابة، في حين تتميز «إيكوفيو» بالمرونة إلى حد أنه من الممكن تعبئتها في علب مثل معاجين الأسنان، وضغطها في القوالب للحصول على المادة البلاستيكية المطلوبة حسب الطلب والحاجة. كما يمكن مزج المادتين بنسب مختلفة بهدف الحصول على مواد تتحلل ذاتيا بمرور الوقت وتتحول إلى مواد طبيعية حميدة غير ضارة، وحسب الدرجة المطلوبة من الصلابة.
وهذا يعني أن بإمكان شركة «ويم» الهولندية استخدام مثل هذه المادة في بناء هياكل «الجزر المدوّرة» وصب النفايات البلاستكية فيها، ليتولى الزمن لاحقا مهمة تحللها وذوبانها في ماء البحر.




«فيضان» النفايات في صيدا
خالد الغربي / الأخبار

لم يسبق للشاطئ الصيداوي أن غرق في النفايات كما حصل يوم أمس، أو هذا على الأقل ما أكده روّاد الكورنيش، واصفين إياه بالمشهد المروّع. «هي المرة الأولى التي تتكدس فيها القمامة بهذه الكثافة في أجزاء متعددة من المكان»، يقولون. «من زمان ما شفنا متل هالبقعة اللي عم تتمدد بالبحر بالطول وبالعرض»، يقول حسن الأحمد، وهو عامل في جمع الخردة. يشير بإصبعه إلى النفايات المتكومة في أكثر من زاوية على الشاطئ كأنّ كل نقطة منها مكب بحد ذاتها. أما سبب هذا الانتشار الكثيف، فهو وقوع كميات كبيرة من بقايا النفايات البلاستيكية وعظام الحيوانات من جبل الزبالة في البحر. بل إنّ بعض شهود العيان يؤكدون أنّ عدداً من الشاحنات تعمدت منذ يومين إلقاء المئات من أشجار الموز المقتلعة من بستان أحد رجال الأعمال الصيداويين، وذلك مباشرةً من قمة المكب باتجاه البحر، ومعها زحلت كتل كبيرة من النفايات الأخرى. يسأل هؤلاء: «لماذا يُدار الظهر لهذه الكارثة البيئية؟ ومتى سننتهي من هذا الإهمال؟». وكان «فيضان» القمامة على طول الشاطئ قد ترافق، أمس، مع انبعاث رائحة كريهة فاحت في معظم أحياء المدينة. المشهد تزامن مع جولة كان يقوم بها وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي إلى صيدا لتفقد مشاريع تعمل الوزارة على تنفيذها، ولا ندري ما إذا كان الوزير قد لاحظ «جزر النفايات» التي طفت في البحر أم لا، وبعض المواطنين سجّلوا اعتراضهم على عدم شمول جدول أعمال الوزير زيارة أماكن الكارثة البيئية عند البحر. وفيما يُقرّ محمد مستو، وهو صاحب محل حدادة للسيارات، بأنّ تفقد مكان الكارثة من اختصاص وزير البيئة، يرى أنّ «العريضي معني هو أيضاً بالاطلاع على تشوّه الشاطئ، وبالتعرف إلى بحرنا المتّسخ، وخصوصاً أنّ حماية الأملاك البحرية والنهرية تعدّ من اختصاص وزارته، ثم إنّه وزير في حكومة يجب أن تضع في سلم أولوياتها صحة الناس والمحافظة على البيئة والسلامة العامة».

مشهد غرق البحر في النفايات استوقف أيضاً عناصر من قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) كانوا يمرون بالقرب من المكان. بدت الزبالة المنتشرة خلفية جيدة لالتقاط الصور الفوتوغرافية للبحر وللنفايات الطافية على مياهه.