عهد جديد من المشاريع الضخمة ينطلق في المملكة العربية السعودية وذلك من خلال إنشاء ست مدن جديدة تشملها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية يخطط لها أن تجتذب نحو 4.5 مليون شخص حتى عام 2020.
ويتوقع فهد الرشيد وكيل الهيئة العامة للاستثمار في السعودية “ساجيا”، أن تضخ هذه المناطق ما يقدر بنحو 150 مليار في إجمالي حجم الناتج المحلي وهذا الرقم يمثل نصف الناتج الاقتصادي الحالي للمملكة. ويضيف الرشيد أن المشاريع قادرة على تحقيق نحو 1.3 مليون فرصة عمل مؤهلة بطاقة استثمارية تزيد على 200 مليار دولار هذا إلى جانب المنشآت الصناعية بما تتضمنه من بنية تحتية وإقامة أحياء سكنية.
ويتوقع الرشيد أن يتدفق نحو ثلثي الاستثمارات من الخارج حيث ستعمل هذه المدن الجديدة على دفع ديناميكية الحركة بقوة حيث يريد كبار المشاركين في السوق أن يتواجدوا فيها منذ البداية، مشيرا في الوقت ذاته إلى قوة الاقتصاد السعودي مقارنة بغيره من دول الجوار، فاقتصاد المملكة العربية السعودية هو الأكبر في العالم العربي وهو أكبر من اقتصاد دولتين مثل مصر وإيران مجتمعتين.
هناك إنجاز آخر يشير إليه الرشيد وهو تحسن ترتيب السعودية خلال العام الماضي في مقياس ( التجارة وإدارة الأعمال) التابع للمركز المالي الدولي – IFC لتحتل المرتبة رقم 38 بعد أن كانت في المرتبة 72 وبالتالي تفوقت المملكة على الإمارات، واحتلت موقعا متقدما على دول أوروبية مثل إيطاليا والبرتغال.
لقد نجحت السعودية من خلال بناء المناطق الجديدة في ادخار ثروة كبيرة من الخبرة في هذا المجال وبدأت أولى الخطوات منذ عام 1975 حين أنشئت مدينة الجبيل الصناعية في موقع كان يستخدم في السابق في الغوص للبحث عن اللؤلؤ, وهاهي مدينة الجبيل اليوم تعتبر أكبر منطقة صناعية في مجال البتروكيماويات على الإطلاق ويعيش هناك ما يزيد على 250 ألف شخص يعملون هناك. وعلى الطرف الآخر من المملكة غربا على البحر الأحمر توجد المدينة الصناعية التوأم للجبيل وهي مدينة ينبُع.
وهدف المبادرات الجديدة للمناطق الصناعية هو العمل على تنويع استغلال الاقتصاد السعودي أكثر ورفع الإنتاجية وتحقيق فرص العمل للحجم السكاني المتزايد بسرعة. ولدى التخطيط للمناطق الست الجديدة، درست “ساجيا” فرص إقامة ثلاثة آلاف منطقة حرة ومناطق اقتصاد خاصة تضاهي تلك الموجودة في دبي وفي الصين على سبيل المثال .ومن المفترض أن تتبع التشريعات لكل قطاع ضمن توافق وطيد مع الشركات. ومن المفترض أن تكون المحصّلة، التشريعات، التي تساعد الصناعات على تحقيق القدرة التنافسية العالمية، حسب تأكيدات رشيد.
وبدأت الهيئة العامة للاستثمار في المملكة ( ساجيا)، بربط مميزات الخيارين :امتيازات المناطق الحرة مع توفير مدخل السوق المباشر لمناطق الاقتصاد الخاصة بما يتيح لرؤوس الأموال الأجنبية في تملك أغلبية الأسهم. ويُفترض تطوير كل منطقة ببعض التخصصات، وسحب الصناعات النسبية، حيثما يتم إنتاج الألومونيوم، والمواد الصناعية، يمكن كذلك قيام مشغلات تزويد لصناعة المحركات. أما بالنسبة للسكان، يُتوقع في المناطق تبسيط كبير في مجريات السلطات.
لقد نجحت المملكة فعلياً في تدشين القاعدة الرئيسة للمدن الست من خلال مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي تمتد على البحر الأحمر في شمال جدة بمساحة تضاهي مساحة جزيرة هونج كونج . ويُخطط لتشغيل وبدء عمل المصانع الأولى بحلول عام 2009 حينها يفترض بدء حركة انتقال سكانية إلى المنطقة. وتعرض في كل يوم مئات من الطلبات الاستثمارية على الهيئة العامة للاستثمار، فمنذ أن بدأت شركة إعمار الإماراتية وهي أكبر شركة عقارية في العالم - في إرساء أول لبنة في هذا المشروع العملاق مع بداية آذار (مارس) الماضي، تدفقت عروض تغطي ما يقدر بنحو 70 في المائة من المسطحات المخصصة للإنشاءات العقارية مستفيدة في ذلك من موقع المدينة المطل على البحر الأحمر. ويواكب هذه الطفرة تطور آخر حيث ينمو سنويا حجم نقل البضائع بالحاويات ومن المتوقع أن تعمل المنطقة على استجلاب المواد الخام الأساسية من منطقة ينبع المجاورة لتتم معالجتها صناعيا وبهذا يمكن أن يقوم واد للصناعة في المنطقة. تضم مدينة الملك عبد الله الصناعية وفق ما هو مخطط لها منطقة مالية سوف تتخصص في المصرفية المالية الإسلامية.
وفي المناطق الست سوف تقوم أربعة قطاعات في الوقت الراهن. وفيها يحقق توافر النفط والغاز الطبيعي وتكاليفهما المنخفضة مميزات تنافسية. وبهذا يمكن أن يتم إنتاج الألومونيوم في السعودية بنحو 30 في المائة ذات قيمة سعرية جديرة بالذكر أكثر من أوروبا، أو أمريكا الشمالية، حسب تقديرات رشيد. ولهذا تملك المملكة في هذه القطاعات حصة من السوق تعادل 15 في المائة. “صهر الألمونيوم في أوروبا وأمريكا الشمالية لابد له أن يُغلق، وبالتالي نحن نريد أن يعملوا على الاستثمار لدينا هنا”، حسب ما ورد عنه بكل ثقة. ويتم استيطان المناطق الإنتاجية الأبعد للبتروكيماويات والمواد الصناعية والحديد والصلب والأسمدة. “وفي هذه الصناعات سنعمل على تغيير الديناميكية مع ميزة الطاقة لدينا”.
المصدر: الهيئة العامة لإستثمار